بقلم: عمرو الختالي
باحث في الاقتصاد السياسي و صناديق الثروة السيادية
من المتوقع أن ينمو قطاع السياحة المصري، وهو أحد المصادر الرئيسية للبلاد لاحتياطيات العملات الأجنبية والدخل القومي، بعد القرار الروسي برفع حظر السفر إلى مصر. ففي 15 ديسمبر، وقعت روسيا ومصر اتفاقاً لاستئناف الرحلات المباشرة بين موسكو والقاهرة اعتباراً من 1 فبراير 2018.
ووفقاً لوزير النقل الروسي “مكسيم سوكولوف”، ستجري مفاوضات ومناقشات في شهر أبريل من عام 2018 بشأن خطط رحلات جوية من روسيا إلى مدن مصرية أخرى.
تعتبر السياحة في مصر قطاعاً رئيسياً من قطاعات الاقتصاد. حيث يوظف هذا القطاع أكثر من 4 ملايين شخص بشكل مباشر. وفي ذروة عام 2010 حقق هذا القطاع أكثر من 13 مليار دولار أمريكي للاقتصاد المصري. وإن دققنا في هذه الحقيقة ، سنجد أن ما يزيد على 14.7 مليون سائح زاروا مصر في عام 2010، حوالي 3 ملايين سائح منهم كانوا من روسيا.
وفي عام 2017، زار ما يقارب 90,000 سائح روسي مصر. ويتوقع محللون ومسؤولون حكوميون في مصر أن يزداد هذا العدد إلى 2 مليون في عام 2018، مما سيؤثر على قطاع الفنادق في شرم الشيخ والغردقة بشكل إيجابي.
شهد قطاع السياحة المصري انتعاشاً كبيراً في عام 2017 على الرغم من الحظر المفروض على السفر من جانب روسيا والمملكة المتحدة. ويتوقع الخبراء أن يصل عدد السياح في عام 2017 إلى ما يقارب من 8 ملايين سائح مقارنة بـ 4.5 مليون سائح في عام 2016. فها هي مصر تستعيد موقعها كمكان مفضّل على خريطة السياحة العالمية مع ارتفاع كبير في السياح من جميع القارات.
ووفقاً لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء Central Agency for Public Mobilization and Statistics، ارتفع عدد السياح الذين زاروا مصر من أوروبا في شهر أكتوبر بنسبة 74.7%. وفيما يلي تفاصيل الزيادة: 99.9% من إيطاليا، و 96.8% من ألمانيا، وتليهما المملكة المتحدة بنسبة 70.3%. وتعتبر الزيادة البريطانية مثيرة للإعجاب كثيراً بالنظر إلى أن الحظر الذي تفرضه الحكومة البريطانية على السفر إلى مدن المنتجعات الرئيسية مثل شرم الشيخ لا يزال قائماً. وقبل الحظر الذي فرضته بريطانيا في عام 2014، كان السياح البريطانيون يبلغون أكثر من مليون شخص سنوياً، وخصوصاً إلى مدينة شرم الشيخ الساحلية على البحر الأحمر.
وازدادت السياحة من أوروبا الشرقية بنسبة 116.4% مع قدوم أكثر من 111,000 سائح في شهر أكتوبر من عام 2017. وكانت أكبر زيادة من أوروبا الشرقية من أوكرانيا بنسبة 86.2% وجمهورية التشيك بنسبة زيادة قدرها 71%.
ومن المهم أن نلاحظ هنا أن ألمانيا وبلجيكا وأيرلندا وفنلندا وإيطاليا والدنمارك قد رفعت تحذيرات السفر إلى شرم الشيخ بحلول منتصف عام 2017.
ووفقاً لشبكة بروكسيمال ميديا Broximal Media البلجيكية، سجلت وكالات السفر البلجيكية زيادة بنسبة 50 في المائة في حجوزات الرحلات الجوية إلى مصر منذ صيف عام 2017. وتعتبر مدينتا شرم الشيخ والغردقة الساحليتان على البحر الأحمر من الوجهات الأكثر زياره في من قبل السياح في مصر.
وفي عام 2017، اختار السياح الآسيويون مصر كوجهة سياحية مع زيادة عدد السياح من الهند واليابان، وخاصة الصين، وذلك بزيادة بلغت أكثر من 55% مقارنةً بعام 2016.
وبشكل عام، سافر أكثر من 826,000 سائح إلى مصر في شهر أكتوبر من عام 2017، وذلك بالمقارنة مع 506,000 سائح في شهر أكتوبر من عام 2016. وبالإضافة إلى ذلك، فبحلول نهاية شهر سبتمبر من عام 2017 بلغت الليالي السياحية 9.6 مليون ليلة مقابل ثلاثة ملايين للفترة نفسها من العام الماضي.
وفي الوقت الراهن، نجد أن العديد من شركات الضيافة العالمية، مثل هيلتون Hilton، قد التزمت بالسوق المصرية. ففي شهر ديسمبر من عام 2017 أعلنت هيلتون Hilton بأنها ستزيد عدد غرف الفنادق التي تديرها في مصر بنسبة 40% بحلول نهاية عام 2022.
تخطط هيلتون Hilton للتوسع بإقامة سبعة فنادق جديدة في القاهرة والغردقة والعين السخنة في السنوات الأربع المقبلة. وسيتم افتتاح الفندق الأول من هذه الفنادق السبعة بحلول نهاية عام 2018. وفضلاً عن ذلك، أعلنت هيلتون Hilton العالمية بأنها قررت اختيار مصر كمقر إقليمي لها.
وعلى الصعيد العالمي، نمت السياحة في عام 2017 بأرقام مثيرة للإعجاب. فوفقاً لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة UNWTO، رَحّبَ العالم بأكثر من 1.1 مليار سائح دولي، وذلك بزيادة قدرها 7% عن عام 2016، أو 70 مليون سائح دولي إضافي. وقد استحوذت أوروبا الجنوبية والمتوسطية، وشمال أفريقيا، والشرق الأوسط على حصة الأسد من هذه الأرقام.
وبعد أوروبا، كانت أفريقيا ثاني أسرع منطقة نمواً، وذلك بنسبة زيادة قدرها 8% خلال هذه الفترة. وظهر انتعاش قوي في شمال أفريقيا بزيادة قدرها 13%، وخصوصاً في مصر وتونس والمغرب. ووفقاً لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة UNWTO، فقد صُنّفت مصر كثاني أسرع مقصد للسفر نمواً في العالم.
يأتي نمو السياحة نتيجة قوة الاقتصاد العالمي الذي يُتوقع أن ينمو بنسبة 3.6% بحلول نهاية عام 2017.
ومن وجهة النظر الاستثمارية، وعلى المدى الطويل، تعتبر مصر سوقاً مربحا للاستثمارات السياحية والفندقية.